-
هل يُمكنك أن تُحدد لنا موقع قطاع السياحة في رؤية مشروع نيوم الطموحة ومدى تكامله مع نجاح المشروع؟
تلعب السياحة أدواراً مهمة في نيوم. أولاً، تُعد السياحة طريق الوصول إلى نيوم، سيتعرف من خلالها كثير من شعوب العالم على هذا المكان الفريد بجماله الأخاذ، وستكون زيارة نيوم هي التجربة الأولى التي لا تُنسى قبل أن يصبحوا سكاناً وقبل أن يؤسسوا أعمالهم واستثماراتهم وعلاقاتهم. فإلى جانب سحر طبيعتها وروعة سواحلها، فإنهم سيعيشون تجربة التزامنا تجاه الاستدامة ومصادر الطاقة المتجددة، ناهيك عن خططنا لترميم الطبيعة والحفاظ عليها والمساهمة في تقدم العالم بالأفكار الرائدة والتقنيات المتطورة. هذا كله هو جوهر رؤيتنا.
ثانياً، ستقدم السياحة فرصاً للمجتمع العالمي، وخاصة للسعوديين، للعب دور نشط ومهم في بناء نيوم، إذ تسعى المملكة لتحقيق أهداف طموحة من خلال زيارات شعوب العالم لأراضينا، وسنكون نحن العامل الأساسي لتحويل تلك الأهداف إلى حقيقة. إن الترحيب الذي يلمسه الزوار والتجارب التي نخلقها لهم ستبني سمعة طيبة لهذا المكان. ونرى أن قطاع السياحة سيكون من أهم وأكبر القطاعات في خلق فرص العمل في نيوم بحلول عام 2030م.
ثالثاً، سننشئ اقتصاداً سياحياً حقيقياً. فزيارة السياح ليست مجرد إقامة في فندق، مع أن فنادقنا ستكون الأفضل في العالم بالتأكيد، ولكن مفهوم السياحة يتجسد في مجموع التجارب التي تدور حول ذلك، من وسائل التنقل والانتقالات والطعام والتجارب والفعاليات والمتاجر. لن نكتفي في هذا المكان بتحقيق إيرادات من السياحة فحسب، بل سنساعد كذلك في دعم قطاعات التنقل والطيران والرياضة، والإعلام، والموضة، والثقافة.
-
ما هي المشاريع الأولى من نوعها التي تعمل عليها مع فريقك؟
تهدف نيوم أن نصبح الوجهة الأكثر جاذبية واستدامة في العالم. بل إننا في الواقع نتطلع لتحقيق ما هو أبعد من ذلك، إذ نطمح أن نكون وجهة تحقق أثراً إيجابياً خالصاً. كان الهدف في الماضي القريب "ألا نترك أي أثر سلبي"، ولكننا الآن نريد ما هو أبعد من ذلك وأسمى، وهو "أن نترك المكان أفضل مما وجدناه".
ستتمكن من اختيار كل ما يتعلق برحلتك عبر تطبيق يقدم لك تجربة مرنة وعملية، وسنساعدك في رحلتك إلى نيوم على خلق أثر إيجابي. يمكنك اقتراح مسارات من شأنها زيادة مساهمتك الإيجابية، بدءاً من وسيلة النقل التي ستختارها، والطعام الذي ستتناوله، والأنشطة التي ستمارسها وحتى ما تقرر شراءه. سيعني ذلك أنك ستعرف بالضبط الأثر الجيد الذي ستتركه على البيئة والثقافة والاقتصاد المحلي مع كل خيار وكل خطوة تخطوها في نيوم.
كما سنستخدم الواقعين المعزز والافتراضي لإثراء حكاية نيوم. سنروي تراثنا الغني وقصص الطبيعة عبر تجارب تغمر الحواس وتبقى في الذاكرة.
-
تهدف نيوم إلى احتلال صدارة العالم في السفر والضيافة، هل يُمكنك أن تزودنا ببعض التفاصيل؟
سيكون مشروعنا فريداً، ولا مثيل له في العالم. سنبني المستقبل على هذه الأرض البكر بهيبتها. ونحن حريصون أن يكون جميع ما نعمل عليه لخدمة الزوار والمسافرين مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بأصالة أرضنا وسمائنا وبحرنا في نيوم، وذلك ما سيميزنا عن منافسينا. يتطلع المسافرون لتجارب أصيلة تدهشهم وتبعث فيهم روح النشاط والحس الإنساني. وبناءً على ذلك، سنبتكر تجارب من خارج الصندوق. ستساعدنا الأفكار الخلاقة والتقنيات الجريئة في إعادة تصور السياحة والسفر.
تأمل مشروع تروجينا في جبال نيوم. بسببه سيكون التزلج على الجليد متاحاً في المملكة العربية السعودية لأول مرة في المنطقة. هذا أمر مدهش حقاً. وبالمثل، ستتمكن من مشاهدة الحيوانات الأصيلة التي كانت هاجرت من هذا المكان قديماً، وهي تتجول في غابات السافانا مرة أخرى عن طريق إعادة الحياة البرية وحماية الطبيعة. كما أننا نعمل حالياً على إعادة بناء أكبر حديقة مرجانية في العالم، كجزء من التزامنا الراسخ بحماية البيئة.
وسنضع في اعتبارنا أيضاً مشاكل الانتقال. فعلى الرغم من أن معظم القطاعات استخدمت التقنية لتصبح أسرع وأسهل، إلا أن السفر قد أصبح أبطأ وأصعب، وأصبح من الصعب عبور الحدود، وزاد الوباء من تفاقم الأمر. لكننا سنجعل نيوم أسهل مكان يمكنك السفر إليه.
تبلغ مساحة هذا المكان الرائع 26,500 كم2، ويتميز بطبيعة متنوعة ساحرة وخصائص لا مثيل لها، من جبال شاهقة تتساقط على قممها الثلوج شتاءً إلى مياه عميقة في خليج العقبة، وصحاري شاسعة من الرمال الغنية والمتنوعة، مع جبال من الحجر الرملي شامخة بعلوّها. كما تتميز نيوم بأكثر من 450 كم من السواحل و41 جزيرة، يظهر 12 منها فوق الماء على مدار العام، وتضم شعاباً مرجانية رائعة تنبض بالحياة. كما ستجد في مياهنا أسماك القرش الحوتي والأطُوم والحيتان. وهناك أيضاً حياة مزدهرة للطيور، بما في ذلك العقاب النسري الرائع والصقر الفاحم.
بالإضافة إلى ذلك، يُعد سفر المغامرات من أسرع مجالات السياحة نمواً، لذلك سنهتم به كثيراً. هذه بيئة مليئة بالتحديات، فإن كنت ترغب في القفز من الأماكن العالية، أو خوض تجربة فيا فيراتا (وهي التسلق بواسطة الكابلات الفولاذية أو درجات أو سلالم مثبتة في الصخور)، أو تسلق الصخور، أو ركوب الدراجات في الجبال، أو التنزه سيراً على الأقدام، أو التزلج، أو الغوص، أو الغطس، فلن تجد مكاناً أفضل من نيوم لتستمتع بكل هذه الأنشطة، إذ يمكنك، في الواقع، أن تمارس التزلج في الصباح والغطس في فترة ما بعد الظهر.
تتمتع نيوم بثراء طبيعتها الفريدة التي تجعل منها وجهة سياحية لا مثيل لها، ويمكننا توفير كل أنواع الأنشطة الأخرى التي يحب الناس قضاء الإجازة في ممارستها. لذلك فإن هذا ما نسعى لتحقيقه. كما أننا نركز بشكل كبير على سياحة الاستشفاء من خلال قطاعنا الصحي بالإضافة إلى أنشطة تجديد الشباب ورفاه الصحة.
أما إن كنت من عشاق السياحة التراثية، فلدينا قصص لا تُعد ولا تحصى تكشف عنها هذه الأرض للمرة الأولى. ولدينا سياحة الشمس والبحر. وسياحة المغامرات. وبعد ذلك يمكننا بناء خيارات أخرى مثل السياحة العلاجية والفعاليات التجارية والأحداث الرياضية وما إلى ذلك. ونحن لم نتحدث بعد عن مشروع ذا لاين، ثورتنا في الحياة الحضرية. لذلك ترى أن نيوم هي صورة كاملة متكاملة للسياحة بشتى أنواعها.
-
وكيف سيُساهم التصميم الإبداعي والمبتكر في كل ما ذكرت؟
إن التصميم المبتكر ركيزة أساسية من ركائزنا الأربع. فقد اتحد أفضل المهندسين المعماريين والمصممين والفنانين في العالم لإعادة كتابة القواعد الهندسية وابتكار نماذج لم يكن العالم يتخيل أنها ممكنة حتى الآن.
وتُعد ثقافة الضيافة والكرم العربي الأصيل ركيزة أخرى مهمة، فنحن لا نريد أن نفقد أصالتنا. هذه فرصة لرؤية ما لم يره أحد، ليلامس الزوار روح المملكة الأصيلة ويشعروا بها. من نواح كثيرة، فإن هذا هو أحدث التطورات من المنظور السياحي، وأظن أننا إذا تمكنا من تحويل الثقافة السعودية الجميلة، التي تركز بشكل كبير على الأسرة كما أنها منفتحة ومُرحّبة لدرجة أنك قد تتلقى دعوات فعلية إلى منازل الناس، إلى ثقافة خدمات، فيمكن لذلك أن يشكل ميزة فريدة داخل فنادقنا ومعالمنا السياحية. وهذه نقطة قوة لا شك فيها، إذ يجب أن نتمسك بكل ما هو حصري للسعودية.
-
هل ترى أن ما تتحدث عنه سيكون نموذجاً تتبناه دول العالم؟ وهل هذا جزء من الهدف؟
مهمتنا هي تغيير إمكانات السفر إلى الأبد. لقد أصبح السفر متشابهاً، ما كان بإمكانك تجربته في مكان واحد، يمكنك تجربته الآن في عدة أماكن. ونحن نحب الذهاب إلى أماكن جديدة وهذا ما يحفزنا ويقودنا. لدينا في نيوم مجموعة من ألمع العقول حول العالم، ونحن مُخوَّلون لإنجاز مهامنا بطريقة مختلفة.
أرى أن نيوم هدية للعالم. ونحن ماضون في هذا المشروع لأنه الشيء الصحيح الذي يجب إتمامه. نأمل أن تلهم الأفكار التي نطورها ونبتكرها هنا الآخرين، وإذا واصلنا جميعاً تحفيز بعضنا للمضي قدماً بشكل أفضل، لصالح البشرية والكوكب، فسيكون ذلك أمراً عظيماً. المستقبل الأفضل هو جوهر كل ما نقوم به.
-
ما هو الجدول الزمني لتحقيق أهدافكم؟
نستهدف بنهاية عام 2025م حضور ما بين 800,000 إلى مليون شخص إلى هنا لقضاء عطلة أو فعالية عمل أو حدث رياضي. لذلك نبدأ بهدوء نسبي ويزيد نشاطنا حسب ما يقتضيه الأمر، لأنه يتعين علينا أن نضمن حماية البيئة في كل هدف نحققه.
والهدف الذي نسعى إليه بحلول عام 2030م هو رؤية أكثر من 5 ملايين زائر لنيوم. ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى استكمال مطارنا. كما سيكون لدينا ميناء بحري، وإستاد رياضي، وقاعات للمؤتمرات والاجتماعات. سنعمل بهمة وجهد ضمن مدننا لنحفز سكان نيوم على دعوة أصدقائهم وأسرهم لزيارة هذا المكان المذهل.
وإذا أردنا أن نصل لأهدافنا، يجب أن نجعل نيوم الوجهة المفضلة الأولى لدى السعوديين. ففي الوقت الحالي، يسافر عدد كبير من السعوديين خارج المملكة لقضاء عطلاتهم، وينفقون 24 مليار دولار أمريكي سنوياً في دول أخرى.
أما في نطاق دول مجلس التعاون الخليجي، فالمستهدف لدينا أن نصبح من ضمن أفضل ثلاث وجهات لدى سكان مجلس التعاون الخليجي. كما نسعى أن نصبح ضمن أفضل خمس وجهات سياحية على مستوى العالم. أجرينا أبحاث كثيرة أشارت بأن الشعب السعودي اليوم لديه معرفة كافية حول مشروع نيوم. ولو افترضنا أن نيوم قد فتحت أبوابها اليوم للسياحة، فتشير الأبحاث أن 57% منهم سيأتي غداً. وهذا يؤكد لنا أنهم جاهزون لاستكشاف وزيارة نيوم متى ما فتحت أبوابها، لأن الطلب موجود وحب الاستطلاع كذلك. وحين نطلق مشاريعنا السياحية المتبقية للناس، سيشكل السعوديون نسبة كبيرة منهم. وهذا يضع علينا مسؤولية بذل مزيد من الجهد لجذب بقية سكان العالم، مثل أوروبا والمملكة المتحدة والأمريكتين والصين والهند وغيرها. ندرك أن عملنا سيثمر في جذب العالم إلينا، وأن كون 40% من سكان العالم على بُعد 6 ساعات جواً سيتيح لنا الوصول إلى أسواق مهمة. ومع زيادة الحجم، سيزيد حرصنا على حماية بيئتنا والحفاظ عليها. ولذلك كان تعهدنا بالإبقاء على 95% من أرض نيوم دون تطوير، إلى جانب ترميم البيئة فيها وتجديدها، جانباً مهماً وركيزة أساسية للسياحة في نيوم، فذلك يساعدنا على خلق توازن بين الحجم وتجديد البيئة.
-
كيف يبدو شكل الحياة اليومية في نيوم الآن؟
نحظى هنا برعاية ممتازة. صحيح أننا نعمل ليل نهار ونبذل جهداً جباراً لإنجاز مهمتنا، لكننا جميعنا هنا للمساعدة على تحقيق رؤية وترك إرث للأجيال في المستقبل. نهجنا هنا يشبه إلى حد ما النهج الجامعي. فنحن نعمل سوياً ونعيش سوياً ونرفّه عن أنفسنا سوياً. والمشاريع التي نعمل عليها استثنائية، فكل صباح بالنسبة لنا هو بداية جديدة يملؤها الشغف والحماس.
وعندما يحين وقت الترفيه والراحة، فإن هذا المكان يتمتع بأروع المناظر الطبيعية الساحرة على وجه الأرض، وفيه أنقى وأجمل سواحل رأيتها على الإطلاق. وكل هذا على عتبة بابنا ويمكننا استغلاله والاستمتاع به. كثير منا يحب أنشطة المغامرة في عطلات نهاية الأسبوع. أما بالنسبة لي، فأنا أعشق الشاطئ والمياه والشعاب المرجانية بألوانها الزاهية. أما الآخرون، فينطلقون إلى الجبال الشامخة أو الصحاري الممتدة الشاسعة للتخييم تحت النجوم المتلألئة، أو لاستكشاف الحضارات العريقة بإرثها التاريخي. من المذهل أن تكون وظيفتنا مساعدة العالم على اكتشاف هذه الأرض الرائعة.
-
هل هناك مفهوم خاطئ شائع بين الناس حول نيوم؟
يبدو لي أن كثيراً من الناس يظن أنها صحراء وكثبان رملية منبسطة وأشياء قليلة أخرى. ولكن الحقيقة هي أن هناك 26,500 كم2 من الأراضي ذات المناظر الطبيعية المتنوعة جغرافياً.
لدينا جبال شاهقة تتساقط على قممها الثلوج شتاءً، وأجراف صخرية عالية غمرتها المياه في قاع البحر على عمق 1.8 كم، وصحاري حمراء شاسعة، مع جبال عالية من الصخور الرملية، وسهول عشبية تزخر بالحيوانات البرية، بالإضافة إلى سواحل خلابة، ومياه ساحرة جميلة تمتلئ ببعض من أندر الكائنات البحرية في العالم.
إنها أرض تتميز بتنوع بيولوجي رائع، وذلك يميزنا عن المشاريع العملاقة الأخرى، إذ سيتمكن الزوار من التزلج على الجليد صباحاً، والاسترخاء على الشاطئ ظهراً، ثم تأمُّل سحر النجوم في الصحراء ليلاً.
-
هل يمكنك أن تخبرنا عن حياتك المهنية قبل أن تصبح جزءاً من فريق نيوم وما الذي دفعك للمجيء إلى هنا؟
صقلت خبرتي في بناء الهويات والعلامات التجارية وخلق قصص لها. وحين أكون محاطاً ببيئة يغلب عليها التفكير الإبداعي الجديد، أشعر بالازدهار والانطلاق دون توقف. ساهمت سابقاً في بناء علامات تجارية لشركات عديدة في مجالات مختلفة، مثل خطوط الطيران والسياحة والإعلام والترفيه والتقنية ونمط المعيشة. والجميل أن كل هذه القطاعات تندرج تحت مظلة نيوم.
وُفِّقت في العمل لدى مجموعة من أفضل الوكالات الإبداعية العالمية، مثل وكالة TBWA ووكالة ليو بورنيت، ورأيت مدى تأثير سرد القصص المميزة. فالمنتجات متجانسة والعلامات التجارية تعيش في قلوب الناس، وهذا ما أريده لنيوم، أن تصبح مكاناً يعيش في قلب العالم وليس فقط مكاناً جديداً على خريطة العالم.
-
نعلم أن مشروع نيوم يستثير اهتمام الكثيرين، لكن ما الذي دفعك للانضمام إلى مشروع نيوم؟
نيوم ليست مجرد وجهة سياحية، بل هي فكرة، والأفكار تغير العالم. إن طموحنا هائل، فقد مُنحنا فرصة نادرة لبناء علامة تجارية من الصفر، وليست أي علامة تجارية، لأننا سننطلق من رؤية نيوم لنخلق منها وجهة يكتشفها العالم. وهي رؤية جريئة.
-
نصل إلى السؤال الأخير في حوارنا. ما هو الإرث الذي تريد أن تتركه لأجيال المستقبل؟
نريد أن نخلق وجهة سياحية تعيش لفترة طويلة في خيال العالم. وكما ذكرت، نيوم ليست مجرد وجهة، بل فكرة، والأفكار تعيش لفترات طويلة، وأنا أسعى لخلق برامج تنصف هذه الفكرة. بل وأكثر من ذلك، أريد أن أنقل ما تعلمته على مدار أكثر من 35 عاماً لمساعدة الأشخاص الذين أعمل معهم على التقدم وحثهم على إنجاز أمور جديدة بأساليب جديدة.