-
هل يمكنك أن تُحدد لنا موقع أوكساچون في الرؤية الكبرى لمشروع نيوم ومدى أهميتها لنجاح المشروع؟
كما نعلم جميعاً، فإن أوكساچون مركز صناعي وميناء متكامل يضم مرافق متكاملة للخدمات اللوجستية. وبما أن السفن هي وسائل النقل في الكثير من الأنشطة التجارية وعمليات استيراد وتصدير البضائع والمواد الغذائية وغيرها، سيقدم ميناء نيوم الأكثر تطوراً في العالم خدماته للجميع من داخل وخارج نيوم.
وتنبع أهمية ميناء نيوم من أهمية الموانئ لكل من المستهلكين الباحثين عن البضائع من مختلف المتاجر، أو التجار الذين يسعون لتعبئة متاجرهم بشتّى أصناف البضائع، أو الشركات التي تستورد منتجاتها وبضائعها الجاهزة أو تلك التي التي لا تزال قيد المعالجة أو التصدير.
ستكون أوكساچون المرآة التي تُجسد كل قيم مشروع نيوم المتمحورة حول الاستدامة والمعيشة، وهي أول مشروع تنمية وتطوير رئيسي. كما ستُصبح حاضنةً لشريحة واسعةٍ من الأنشطة كإنتاج الهيدروجين والمياه وغيرها، بالإضافة إلى مجالات أخرى مثل علوم الفضاء باستخدام تقنيات البناء المعياري (المكون من وحدات).
-
ما هي المشاريع الأولى من نوعها عالمياً التي تعمل عليها مع فريقك؟
أعمل وفريقي على مشروع هو الأول من نوعه، وهو بناء أول ميناء ومركز خدمات لوجستية متكامل تُديره شركةٌ واحدة، ويعمل وفق مخطط تشريعي واحد، وهذا يضمن تجارةً سلسلة انسيابية تمتد أذرعها إلى العالم أجمع، مما يُضفي أهميةً ودعماً لكل ما نقوم به هنا. تُركز وتهتم أوكساچون على ما لم يهتم به أحد من قبل على مر التاريخ، لذا فهي تسبق العالم بخطواتٍ كبيرة.
ومن ضمن المشاريع الأولى من نوعها أيضاً، بناء أكبر مبنى عائم بتصميمٍ ثُمانيِّ الأضلاع، إذ يتمركز نصفه فوق البحر الأحمر. وقد أتت فكرة هذا المشروع من اهتمام القائمين على نيوم بتقليل التأثير على الأرض المحيطة والساحل.
أضف إلى ما سبق أننا نعمل على بناء أحد أضخم مصانع الهيدروجين في العالم والذي سيكون حجر الزاوية في الاقتصاد هنا. ستكون أوكساچون مدينةً خاليةً من السيارات، وسيلجأ سكانها إلى المشي بدلاً من اعتمادهم على السيارات.
بعبارة أخرى، لدينا العديد من المشاريع الأولى من نوعها عالمياً في نيوم وجميعها قائم على أحدث التقنيات وأكثرها تطوراً. وهذا لا يعني أننا سنتخلى عن التقنيات الحالية، بل سنستخدمها بما يتلاءم مع أهدافنا. فالمبنى العائم أكبر مثالٍ على استخدام تقنيات موجودةٍ مسبقاً لبناء ما لم يسبق له مثيل في العالم كله.
-
تهدف نيوم إلى بناء مدينة ميناء بأحدث طراز عالمي. هلّا شرحت لنا معنى ذلك وكيف سيكون ذلك ممكنا؟
لا أرى أنه من الصحيح أن نصف أوكساچون بأنها مدينة ميناء، لأنها بيئة حضرية توفر ظروف معيشةٍ استثنائية. يُعد الميناء جزءاً أساسياً منها وهي مركز خدمات لوجستية في الوقت نفسه. إن موقع أوكساچون على البحر يجعلها تعتمد على خيراته وهباته في مختلف المجالات، كإنتاج الغذاء والترفيه ووسائل النقل، كما يُساهم في تلطيف الجو هنا ليسمح لنا بالتمتع بطقس بارد ولطيف.
نحن نعيش في عصر السرعة، وهذا ما تضعه نيوم في الحسبان فيما يتعلق بمسألة الاستيراد والتصدير، فهي ستحتل الصدارة العالمية في سرعة استيراد وتصدير البضائع، وذلك لأنها تعمل على تقليل مدة سلاسل الإمداد بأسبوعين أو ثلاثة، وأن تتحرك البضائع من سفينة الحاوية وتصل إلى المصنع في غضون 12 إلى 24 ساعة، بدلاً من 12 إلى 24 يوماً.
كما أن ظروف المعيشة الاستثنائية المتاحة للسكان والبيئة التنظيمية الذكية في أوكساچون تُعد جميعها من الجوانب التي تجعل نيوم مكاناً ليس له مثيل في الشرق الأوسط والعالم.
ولا أنسى مركز الابتكار الذي سيكون بوابة للمُصنّعين الذين سينتقلون عبرها من الثورتين الصناعيتين الأولى والثانية إلى الثالثة وصولاً إلى الرابعة وما بعدها أيضاً، وذلك لأنه يوفر لهم كل ما يحتاجونه من خدمات واستشارات. وهذا هو الهدف الذي نتطلع إليه في كل صناعة.
وهناك سبع مجموعات تصنيع تتضمن مجالاتٍ مثل الطرق الحديثة للبناء، والتنقل المتقدم، والطاقة المتجددة، ومياه التحلية بتصريف خالٍ من السوائل. أضف إليها الروبوتات التي تعمل في مجالات علوم الفضاء، وإنتاج الغذاء، والصحة، والرفاهية. وفي كل مجالٍ من هذه المجالات نسعى إلى الوصول إلى الجيل القادم الأكثر تطوراً وفائدة. كما يهدف البحث والابتكار والتوزيع المتمركز في أوكساچون إلى إعادة ابتكار جميع المجالات.
-
من الواضح أن مزيج الطاقة المتجددة والمياه والاقتصاد الدائري يشكّل تركيبة ناجحة بلا شك. هل يمكنك أن توضح لنا كيف سيحدث ذلك على أرض الواقع؟
تُعد الشمس والرياح مصدرَين أساسيين للطاقة المتجددة، لذا ستُشكل مزارع الرياح والطاقة الشمسية عصب الإمداد بالطاقة الكهربائية دون الإضرار بالبيئة. كما أننا نبني الآن مصنعاً ضخماً لإنتاج الهيدروجين يمتد على طول ساحل البحر الأحمر، إذ يعتمد في تشغيله على مياه التحلية الناجمة عن الطاقة النظيفة والكهرباء.
ومما تتميز به نيوم هو معالجة المحلول الملحي الناتج عن عملية التحلية والاستفادة منه في تصنيع منتجات أخرى. ونركز على الاستفادة أيضاً من كل ما يمكننا استخراجه من باطن البحر، بأسلوبٍ يضمن ألا ينجم عن عملية تحلية المياه أي مياه تعود إلى البحر أو تلحق الضرر به. مياه البحر مليئة بالخيرات إذا أحسنا استغلالها بطريقة مثلى، وبالتالي يمكن أن يُدر ذلك على نيوم أرباحاً ضخمة.
كما لدينا الأكسجين الذي نحصل عليه من إنتاج الهيدروجين، إذ سيمد البيوت الزجاجية الخاصة بالاستنبات لدينا لتوفير بيئة غنية بالأكسجين ودعم النمو بأسلوب متقدم. كما يُمكن استخدام الهيدروجين كوسيط لتخزين الطاقة وتحويلها إلى أمونيا لننتقل بعد ذلك إلى المرحلة التالية وهي نقله وتصديره. وهكذا ستتحول المملكة العربية السعودية من مُصدّر للبترول إلى مُصدّر للأمونيا.
ويمكن للأمونيا أن تجيب عن سؤال قديم: "كيف يمكننا تخزين الطاقة المتجددة؟". والإجابة بكل بساطة أنه يجب أن نخزن الطاقة لتتحول إلى شكل يختلف عن طاقة الشمس والرياح، وهذا هو الدور الذي تؤديه الأمونيا. بالإضافة إلى ذلك، أصبح للهيدروجين استخدامات عدّة لا يُمكن تجاهلها في ظل عدم قدرة البطاريات على توفير الطاقة الكافية، لذا نحن بحاجةٍ لاستخدام الهيدروجين في التطبيقات الصناعية والتنقل. وهنا تكمن أهميته.
وفي نهاية المطاف، سيُثبت هذا التسلسل فيما بعد صحة كثير من التقنيات التي تعتمد على الهيدروجين. وبفضل المصادر الوفيرة للهيدروجين، سنتمكن من إنتاج كميات ضخمة تسمح لنا بتصنيع هذه المنتجات هنا واستخدامها في نيوم وتصديرها إلى جميع أنحاء العالم.
-
كيف يمكن استغلال البناء المعياري (المكون من وحدات) وما هي الإنجازات التي سيساعدكم على تحقيقها؟
بات البناء المعياري جزءاً أساسياً من تصميم المباني السكنية والتجارية، وهو أحد ركائز استراتيجيتنا في قطاع التصميم والبناء. ونتطلع هنا إلى بناء وحدات سكنية ستُصَنًّع داخل مصانعنا في نيوم.
للبناء المعياري فوائد عدة، كالجودة والسرعة والقدرة على إنهاء الجزء الأكبر منه في المصنع. كما تتيح لك تكرار العملية والتحكم في جودتها والتخطيط لها لتتمكن من تقليل الهدر، وبالتالي توفر الوقت والجهد والأيدي العاملة المطلوبة لتجهيز موقع البناء، لأن كل شيء يُجهَّزُ في المصنع بكفاءة عالية.
لا تجد من يلتحق بوظيفةٍ ما ليعمل فيها فترة مؤقتة ثم يُضطر بعدها لخوض رحلة البحث عن أخرى من جديد، لذا نحاول هنا التخلص من الوظائف المؤقتة ومنها وظائف البناء، لنبني بيئة مستقرةً للأيدي العاملة نتحكم فيها بالأجواء. فلو كنتُ على سبيل المثال نجاراً أو بَنّاءً، بدلاً من العمل تحت حرارة الشمس التي قد تصل إلى 45 درجة مئوية صيفاً، سيكون لدي خيارٌ أفضل وهو أن أعمل داخل مصنع حرارته الداخلية لا تتجاوز 28 درجة مئوية. وهدفنا في هذا كله أن يتمتع العاملون بصحةٍ جيدةٍ لتزيد إنتاجيتهم ويشعروا بأمانٍ أكبر.
من أهم عوامل تطوير الصناعة استخدام البناء المعياري في بناء أوكساچون، لننتقل بعد ذلك إلى بناء مرافق توريد معدات التصنيع الرئيسية الأصلية ومرافق توريد المكونات. وبالتالي تصبح أوكساچون بعد ذلك مركزاً لتصدير البناء المعياري بما يُلبي احتياجات المملكة والمنطقة والعالم.
-
ما فرص النمو الجديدة التي توفرها الثورة الصناعية الرابعة؟
لقد شارفت بعض القطاعات على توفير متطلبات الوصول للثورة الصناعية الرابعة، لكن لا يمكننا أن نقول حتى الآن إن كثيراً منها قد وصل إليها وإن هذا القطاع يعمل حقاً وفق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، فنحن ما زلنا بحاجة لجمع بيانات أكثر لتحسين أداء هذه القطاعات. إن هذه المتطلبات تزيد باستمرار، لذا سنتمكن من تشغيل مجموعات أصغر من المعتاد وبالكفاءة ذاتها إذا بُني المصنع منذ البداية وفقاً لتقنيات ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة.
وبالتالي، سينخفض الهدر ورأس مال التشغيل، وسيُوفر الوقت اللازم لطرح المنتجات في السوق، كما سيتيح ذلك تقصير المدة التي تتطلبها سلاسل الإمداد. وهذا يُعيدنا إلى ما ذكرناه بشأن المجموعات الصغيرة، فبدلاً من تصنيع مجموعات كبيرةٍ يتطلب وصولها شهوراً من شرق آسيا، بإمكانك تصنيع مجموعاتٍ أصغر تُلبي احتياجات المستهلك وتتسم بالمرونة. بالنسبة لنا في نيوم، تُشكل الاستدامة جوهر كل الأعمال والمشاريع، وستمكننا هذه الطريقة من المحافظة على هذه القيمة، وذلك برفع الإنتاج دون استهلاك قدر كبير من الموارد.
-
قد تغير الروبوتات المتقدمة من طريقة حياتنا. هل تتوقع أن تتبع الدول الأخرى حول العالم المخطط المبتكر لأوكساچون؟
بالنظر إلى العصر الذي نعيش فيه الآن، من البديهي أن تُصبح الروبوتات جزءاً أساسياً من تعاملات حياتنا اليومية. وما نحاول توضيحه في نيوم هو الفائدة الكبيرة التي سنجنيها نحن والعالم عند تصميم سلاسل إمداد ومدن ذكية صديقة للروبوتات. انظر مثلاً كيف استطاع الأمريكيون دعم ذوي الإعاقة، بوضع قانونٍ ينص على تقليل السلالم إلى أقصى حد ممكن لتيسير حركتهم، وتوفير أماكن لوضع منحدرات للكراسي المتحركة تضمن سهولة الحركة بلا عوائق. وهذا ما سنفعله نحن أيضاً، إذ سنبني منازل ومرافق صديقة للروبوتات ذات العجلات.
وبعد أن ننتهي من هذه الخطوة، سننتقل إلى الخطوة التالية وهي أن تُتيح المدينة الإدراكية للروبوتات توثيق البيانات والحصول على صلاحيات لدخول أماكن معينة وفتح الأبواب بنفسها. حين تُصبح هذه التقنيات قيد الاستخدام، سنتمكن من برمجة الروبوتات لتصبح قادرة على توصيل البضائع إلى المنازل، وسنجرب كل الحلول الممكنة والمختلفة لحل مشكلة الخدمات اللوجستية باستخدام الروبوتات.
ستُصبح الروبوتات مظهراً اعتيادياً داخل المنازل، مما سيتسبب في انخفاض أسعارها. وقبل أن يحصل السكان على الروبوت، بإمكانهم تجربته تجربةً حيّةً برفقة المطورين الموجودين في مراكز الابتكار. وهذا سيُطوّر المجتمع تطوراً كبيراً ويُغيّر الفكرة القديمة حول الروبوتات، وسيفتح المجال أمام تقنيات وتطبيقات جديدة.
سيأتي التجار ومزودو الخدمات اللوجستية ومصممو المباني لدراسة الطرق الجديدة لإنجاز الأعمال. ولا شك أن أوكساچون ستصبح نموذجاً رائداً تحتذي به المدن الأخرى في إيجاد الحلول. سنكون مشغولين في البداية بالتركيز على حل مشكلات الابتكار التي تأتي مع نشر التقنيات الجديدة، وسنحاول اكتشاف طرق جديدة وسريعة لإنجاز الأعمال بكفاءة وفاعلية على نطاق واسع.
-
ما الذي يجعل أوكساچون عرضاً جذاباً للمستثمرين؟
إن ما يبحث عنه المستثمرون في كل مكان هو فرص ثمينة وحلول مبتكرة مع شريك متحمس يكون أهلاً للثقة، وهذا ما سيجدونه في نيوم. ستُرافق نيوم شركاءها طوال دورة التطوير ابتداءً من تصميم النموذج الأولي والتوثيق والتكرار وصولاً إلى الدعم.
وهذا ما يجعل نيوم مكاناً يتطلع إليه المستثمرون والشركات الكبيرة وحتى الناشئة. ستكون نيوم هي الإجابة لكل أسئلتهم المتمثلة في: "حسناً، كيف يمكنني أن أطرح منتجي في السوق بوقت أسرع مما كان عليه؟ كيف أجذب المواهب العالمية للعمل في فريقي؟ كيف أوفر لهم مسكناً مناسباً؟ وأين أجد كل المكونات الضرورية للقيام بذلك؟" وهذا يحفزنا ويُشعل فينا الحماسة أكثر لنمضي قدُماً فيما نقوم به.
-
ما هو الجدول الزمني لتنفيذ أهداف ومشاريع أوكساچون؟
نتوقع أن يصل أول سكان أوكساچون بنهاية عام 2023م، وأن ننتهي من المشاريع الساحلية بحلول عام 2030م، لننتقل بعدها مباشرةً إلى مشاريع التنمية. ستكون حلول الخدمات اللوجستية جاهزةً مع مطلع عام 2025م، وسنستكمل العمل في الوقت نفسه على أحدث التقنيات وأكثرها تطوراً، مثل القطارات الفائقة السرعة بأحدث الطرازات العالمية وطائرات الأجرة الجوية. أما بالنسبة للشحن والنقل باستخدام الحاويات في الميناء، فمن المُقدر أن يبدأ في عام 2022م، وما أن يتم ذلك حتى نبدأ ببناء مرافق الخدمات اللوجستية المتكاملة للميناء بتقنيات فائقة التطور.
-
ما هو الإرث الذي تريد أن تتركه للأجيال القادمة؟
أريدهم أن يحظوا ببيئة ذات معيشة شعارها الكفاءة والاستدامة، لتكون الوجهة الأولى للشركات والابتكار والتصنيع، لا سيما وأن التصنيع عنصر رئيسي في جميع الاقتصادات المتقدمة وأننا هنا نولي جزءاً كبيراً من اهتمامنا لتقنيات الجيل القادم، مما يجعل نيوم مركزاً مميزاً للروبوتات وعلوم الفضاء والمباني المتقدمة والمدن الإدراكية، بالإضافة إلى أحدث وسائل التنقل والطاقة الآمنة على البيئة.
إن كل التقنيات التي نُشير إليها ونتحدث عنها هي تقنيات بالغة الأهمية، سيستمر العالم في استخدامها لفترة لن تقل عن 50 إلى 100 سنة مقبلة، للتغلب على التحديات والقضايا المُلحَّة التي تواجهنا اليوم، وما زلنا عاجزين عن حلها، مثل تغيّر المناخ والنمو السكاني وندرة المياه والموارد المتجددة. أتطلع بشدة إلى اليوم الذي سيدرك فيه العالم ما تقوم به نيوم، حتى يقول الجميع: "لقد ابتكروا جميع الحلول الممكنة لإنقاذ هذا الكوكب".
-
هل هناك مفهوم خاطئ شائع لدى الناس عن نيوم؟ وكيف هي الحياة اليومية في مجتمع نيوم؟
حين يزورنا أي ضيف، يندهش من حجم الأعمال الكبير هنا، وهذا يؤكد أن نيوم مشروع طموح وواعد سيجسّد رؤيةً عظيمةً إلى واقع نعيشه، وهذا سيستغرق وقتاً بالتأكيد. لذا فإننا نبذل قصارى جهدنا لإنجاز جميع الأعمال في وقت قياسي.
ما زال الناس عاجزين عن إدراك قيمة التوسّع والفرص المتاحة، وليس لديهم استعداد للمخاطرة والخروج من منطقة راحتهم. عليهم أن يدركوا أن المخاطرة الحقيقية لا تكمن في الفشل بعد القدوم والمحاولة، بل في إضاعة فرصة القدوم إلى هنا. عندما يأتي الناس إلى نيوم ويرون هذه المشاريع "الناجحة والواعدة" بأم أعينهم، فإنهم يصدقون ذلك فعلاً.
أما مجتمع نيوم، فهو مجتمع مذهل يضم أبرز العقول اللامعة وأصحاب الخبرات في شتى المجالات. ومن حسن حظنا أنهم هنا لمساعدتنا في تطوير الجيل القادم في مختلف القطاعات، مثل التنقل، والطاقة، والماء، والغذاء، والتصميم والبناء، والعلوم التقنية والرقمية، والصحة والرفاهية.
أما مستويات المعيشة في المجتمعات المؤقتة هذه، فهي ذات مستوى رفيع بلا شك. الحياة هنا جميلة، والطعام رائع مذاقاً وجودةً، كما أن مشاهد الطبيعة تمنح الطمأنينة، والأجواء لطيفة إذ يمكنك الاستمتاع بالنسيم العليل، وكما تعلم فالطقس هنا أقل بعشر درجات مئوية عن بقية دول مجلس التعاون الخليجي.
متحمسون جداً لافتتاح أولى الوحدات السكنية الدائمة والتي سيستغرق العمل عليها عامين. ومن المقرر افتتاح أول الفنادق الجديدة قبل افتتاح الوحدات السكنية بقليل لنتمكن من الترحيب بضيوفنا وأخذهم في جولات هنا.
-
هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عن سيرتك الذاتية وحياتك المهنية؟
يُسعدني ذلك! نشأت في مدينة نيويورك ودرست الهندسة وتدربت في بحوث العمليات والهندسة الصناعية. وكانت تأسرني الأنظمة المعقدة والتقنيات المختلفة وتستحوذ على اهتمامي، لذا اخترتها لتكون تخصصي الجامعي وما عملت فيه فيما بعد.
لقد عملت في مجال الاستشارات طوال 22 عاماً تقريباً. وكانت خاتمة مهامي في سويسرا عندما ترأست عملية دمج واستحواذ لإحدى الشركات الكبرى هناك. وأستطيع القول إن خبراتي متنوعة في مجال الصناعات التحويلية والخدمات نظراً لفرص العمل المختلفة في حياتي، مما أكسبني فهماً وإدراكاً واسعين لمتطلبات النجاح في هذه الأعمال. بعد ذلك انضممت إلى فريق نيوم لتُضاف هذه الفرصة إلى جملة الفرص الذهبية القليلة في الحياة، والتي كانت بمثابة علامة فارقة في مسيرتي المهنية. تعيش عائلتي حالياً في سويسرا وأريد إحضارهم إلى نيوم في المستقبل عندما تُفتتح المدارس هنا قريباً.
-
نعلم أن مشروع نيوم يستثير اهتمام الكثيرين، لكن ما الذي دفعك للانضمام إلى نيوم في المملكة العربية السعودية؟
تعود بي الذاكرة إلى شهر فبراير عام 2020م قبل بداية الجائحة عندما زرت المملكة لأول مرة. كنت أبحث عن مشروع يُعيد إحياء شغفي بعد إجازة امتدت تسعة أشهر. فقررت الانضمام إلى نيوم رغبةً في تغيير مساري المهني وتلبيةً لتطلعي في إنجاز شيء عظيم. وقد كانت هذه فرصةً لا تُعوض.
إن من أكثر ما يُثير إعجابي في مشروع نيوم، قدرته على الجمع بين التنمية الاقتصادية وتطوير الأعمال، فجني الأرباح لم يكن هو الهدف الوحيد لقيام هذا المشروع، بل تغيير حاضر الناس ومستقبلهم بخلق وظائف نوعية وتغيير الوضع الراهن لإدارة الأعمال وتحسين ظروف المعيشة والحياة. حين أنظر إلى حياتي، أشعر بأنني محظوظ لأنني نشأت في بيئة صحية وظروف معيشية جيدة، وأرى أن من حق الجميع أن يعيشوا حياةً كريمةً وهذا ما أراه هنا، وأنا سعيدٌ جداً أن الموهوبين هنا يتمتعون بحياةٍ تُحيط بها الظروف المعيشية الملائمة للإبداع والابتكار.
لا يوجد منا من لم يتمنّ يوماً أن يكبر أولاده وينشؤوا في مكان وهم يهنئون بصحة ورفاهية وأمن، وأن يحصلوا فيه على تعليمٍ راقٍ ووظائف جيدة، وأن يكونوا قادرين على بناء أسر سعيدةٍ ومُنجزة. نحن نعمل في نيوم على بناء هذه البيئة، والمدينة التي تُحقق لهم هذا المستقبل وتدعم البشرية. وحين أضع هذا في الحسبان، أجده من أكبر الأسباب التي تجذبني وتدفعني للبقاء هنا والاستمرار فيما أقوم به.